في قلب المدينة العتيقة بالدار البيضاء، حيث يُمثل التراث العمراني قصة تاريخية وهُوية لا تُقدر بثمن، تتصاعد التوترات نتيجة قرارات الهدم و الهدم التي تهدد استقرار ساكنة الحي. في هذا السياق، برزت تنسيقية "ضحايا قرارات الهدم" كمنصة تُعبر عن معاناة السكان وتنظم حملات شعبية للدفاع عن حقوقهم. يقود هذه التنسيقية المنسق "يونس ريتب"، الذي يُعد صوت السكان المتضررين، ويعمل إلى جانبه طاقم من خيرة ابناء و بنات المدينة العتيقة ، فضلاً عن أعضاء التنسيقية الآخرين الذين يسهمون في تنظيم الفعاليات والأنشطة: ابرزهم حميد الغيام سعاد خاطب، أيوب جلال، نزهة محب . كما يلعب المصور الشاب "محمد الناوي" دورًا حيويًا في توثيق معاناة أهل المدينة القديمة ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
خلفية الأزمة
قرارات الهدم :
عدد القرارات: أصدرت السلطات المحلية – وعلى رأسها مقاطعة سيدي بليوط – أكثر من ألف قرار هدم تتراوح بين الهدم الجزئي وإجراءات الترميم غير الكافية.
الآثار المباشرة: هذه القرارات أدت إلى تهجير العديد من الأسر التي تعيش منذ أجيال في الحي، مما أثر سلبًا على استقرارهم الاجتماعي والنفسي، خاصةً مع اقتراب الموسم الدراسي.
خلط السياسات: تُخلط بعض هذه القرارات بين مشاريع إعادة التأهيل وبرامج "الدور الآيلة للسقوط"، ما يزيد من صعوبة عودة السكان إلى منازلهم وإيجاد بدائل سكنية مناسبة.
دور التنسيقية وأعضاءها
القيادة:
يونس ريتب: يتصدر التنسيق كصوتٍ رفيع يُعبر عن معاناة ساكنة المدينة القديمة. يقوم بنقل مطالب السكان إلى الجهات الرسمية ويسعى لإيجاد حلول فورية لمواجهة سياسات الهدم.
يشتهر يونس ريتب بأنه الصوت المسموع للسكان المتضررين من سياسات الهدم ، حيث يعمل على تنظيم الحملات والفعاليات التي تسعى لرفع مستوى الوعي حول الانتهاكات التي يتعرض لها أهل المدينة القديمة. يقوم بتنسيق الجهود مع مختلف الجهات الحقوقية والاجتماعية والداعمة لمطالبة السلطات بإعادة النظر في القرارات التي تؤدي إلى فقدان الأسر لمنازلها وتراثها العمراني.
حميد الغيام: يعمل كمقرر ومنظم، حيث يتولى تنسيق الفعاليات والأنشطة وإدارة الجوانب اللوجستية للحملات التوعوية والمطالبة بحقوق السكان.
أعضاء سكرتارية التنسيقية:
حميد الغيام
سعاد خاطب
أيوب جلال
نزهة محب
يقوم هؤلاء الأعضاء بتنظيم اللقاءات والفعاليات التوعوية وتوثيق الحالة الإنسانية للمواطنين، مما يُسهم في تعزيز الضغط العام على الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
التوثيق الإعلامي:
محمد الناوي: يقوم بتوثيق مشاهد الهدم والتهجير عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما يُعد شهادة بصرية حية تُبرز حجم الأزمة وتساهم في نشر الوعي العام حول معاناة السكان.
الآثار المتعددة للأزمة
الآثار الاجتماعية والنفسية:
تأثير نفسي: يعيش السكان في حالة من القلق المستمر والخوف من فقدان الهوية والتراث، حيث تعتبر قرارات الهدم بمثابة ضربة قاسية تؤثر على معنويات الأطفال والأسر.
تأثير اجتماعي: تؤدي هذه السياسات إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وإضعاف الروابط بين السكان، مما يُقلل من روح التضامن والتلاحم المجتمعي في الحي.
الآثار الاقتصادية:
خسارة الاستثمارات الشخصية: يؤدي الهدم إلى فقدان الأسر لاستثمارات عمرانية كانت تُشكل جزءًا من تراثهم ومكتسباتهم الشخصية.
تراجع فرص التنمية المحلية: عدم توفير بدائل سكنية مناسبة يعيق التنمية المستدامة في الحي ويزيد من الأعباء الاقتصادية على السكان.
المطالب والحلول المقترحة
المطالب:
مراجعة شاملة لقرارات الهدم: إعادة تقييم جميع قرارات الهدم الصادرة عن مقاطعة سيدي بليوط، مع إيقاف الإجراءات التي تُهدد استقرار السكان دون توفير بدائل سكنية مناسبة.
فتح حوار مجتمعي: إشراك المواطنين في عملية اتخاذ القرار لضمان حلول تعاونية تُراعي حقوقهم وتحافظ على التراث العمراني.
توفير بدائل وتعويضات عادلة: تقديم تعويضات مناسبة للأسر المتضررة مع ضمان حق العودة إلى منازلهم بعد إجراء الإصلاحات اللازمة.
الحلول المقترحة:
تفعيل لجنة برلمانية: لدراسة ملف التهجير والهدم واتخاذ الإجراءات اللازمة لإيجاد بدائل سكنية.
تخصيص ميزانية للطوارئ: لدعم الأسر المتضررة وتوفير مساعدات مالية عاجلة.
تنفيذ مشاريع ترميمية: تشمل تحديث البنية التحتية في الحي مع الحفاظ على الهوية التاريخية للمدينة القديمة.
الانجازات
تحقيق الاتفاق الرباعي تحت إشراف السيد العامل عزيز دادس
نجحت تنسيقية المتضررين من هدم المنازل في المدينة القديمة في تحقيق الاتفاق الرباعي، وهو إطار تفاهم تعاوني تم توقيعه تحت إشراف ورئاسة السيد العامل لمقاطعة أنفا، عزيز دادس، بهدف وقف عمليات الهدم
مفهوم الاتفاق الرباعي
يستند الاتفاق إلى تعاون أربعة أطراف رئيسية تلتزم بعدم تنفيذ أي قرار هدم إلا بعد اجراء الخبرة المضادة من طرف ثلاث مكاتب خبرة وهي :
LPEE
NOVEC
CID
الوكالة: الهيئة المكلفة بالتخطيط العمراني وإعادة هيكلة المناطق السكنية، ولها دور في تحديد صلاحية المباني واتخاذ القرارات الهندسية.
المقاطعة: السلطة التنفيذية التي تشرف على تنفيذ قرارات الهدم، ويشمل دورها ضمان احترام القوانين وعدم الإضرار بالسكان.
التنسيقية: الجهة المدافعة عن حقوق السكان، والتي تراقب تنفيذ القرارات وتضمن عدم تهجير المواطنين دون بدائل.
آلية تنفيذ الاتفاق الرباعي
وقف قرارات الهدم العشوائي: لا يمكن تنفيذ أي قرار إلا بعد موافقة الأطراف الأربعة، مما يحمي السكان من الهدم .
إجراء دراسات مسبقة لكل حالة: يتم فحص المنازل المعنية لتحديد مدى قابليتها للسكن أو حاجتها إلى إعادة تأهيل بدلًا من الهدم.
إيجاد بدائل عادلة للسكان: لا يتم تنفيذ أي عملية هدم دون تقديم حلول مثل إعادة التسكين أو التعويض العادل.
أهمية الاتفاق الرباعي
حماية حقوق السكان ومنع قرارات الهدم العشوائية.
تعزيز الشفافية والتنسيق بين الجهات المعنية لضمان اتخاذ قرارات عادلة.
إيقاف عمليات الهدم إلى حين الاتفاق الجماعي بين جميع الأطراف.
النتيجة
نجحت التنسيقية في تحقيق إنجاز غير مسبوق بفرض الاتفاق الرباعي، مما أدى إلى وقف عمليات الهدم العشوائي، وضمان مشاركة السكان في القرارات المتعلقة بمنازلهم، وهو ما يعكس نجاح جهود المجتمع المدني في الدفاع عن الحقوق السكنية.
خاتمة
تعد قضية هدم المنازل في المدينة العتيقة بالدار البيضاء تحديًا إنسانيًا يستدعي تدخل السلطات وصناع القرار لحماية تراث الحي وضمان حقوق سكانه. من خلال قيادة "يونس ريتب" وتنظيم فريق التنسيقية الذي يشمل حميد الغيام وسعاد خاطب وأيوب جلال ونزهة محب بالإضافة إلى جهود التوثيق الإعلامي للمصور محمد الناوي، يُمكن تسليط الضوء على هذه الأزمة وتحويلها إلى فرصة لإعادة بناء الثقة المجتمعية وتحقيق التنمية الشاملة. إن العمل المشترك والحوار البناء هما الطريق لتحقيق مستقبل يحترم التراث ويضمن الاستقرار والكرامة لجميع سكان وبعث الروح في مشروع اعادة التاهيل مدينة العتيقة .